فصل: أحاديث في أن الأذان كان وحيًا لا منامًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


-  أحاديث في أن الأذان كان وحيًا لا منامًا

- روى البزار في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا محمد بن عثمان بن مخلد الواسطي ثنا أبي حدثنا زياد بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب، قال‏:‏ لما أراد اللّه أن يعلم رسوله الأذان أتاه جبرئيل عليه السلام بدابة يقال لها‏:‏ البراق، فذهب يركبها فاستصعبت، فقال لها‏:‏ اسكني، فواللّه ما ركبك عبد أكرم على اللّه من محمد، قال‏:‏ فركبها حتى انتهى إلى الحجاب الذي يلي الرحمن تبارك وتعالى، فبينا هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏‏"‏ يا جبرئيل من هذا‏؟‏ قال‏:‏ والذي بعثك بالحق إني لأقرب الخلق مكانًا، وأن هذا الملك ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتي هذه، فقال الملك‏:‏ اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر، قال‏:‏ فقيل له من وراء الحجاب‏:‏ صدق عبدي، أنا أكبر، ثم قال الملك‏:‏ أشهد أن لا إله إلا اللّه، قال‏:‏ فقيل له من وراء الحجاب‏:‏ صدق عبدي، أنا لا إله إلا أنا، ثم قال الملك‏:‏ أشهد أن محمدًا رسول اللّه، فقيل له من وراء الحجاب‏:‏ صدق عبدي، أنا أرسلت محمدًا، ثم قال الملك‏:‏ حيّ على الصلاة‏.‏ حيّ على الفلاح، ثم قال الملك‏:‏ اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر، فقيل له من وراء الحجاب‏:‏ صدق عبدي، أنا أكبر أنا أكبر، ثم قال‏:‏ لا إله إلا اللّه، قال‏:‏ فقيل من وراء الحجاب‏:‏ صدق عبدي، أنا لا إله الا أنا، قال‏:‏ ثم أخذ الملك بيد محمد ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فقدمه، فأمّ أهل السماء‏:‏ فمنهم ‏[‏في ص 43 - ج 3‏]‏ آدم‏.‏ ونوح، انتهى‏.‏ قال البزار‏:‏ لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن علي إلا بهذا الإسناد، وزياد بن المنذر فيه شيعيَّة ‏[‏زياد بن المنذر مجمع على ضعفه ‏"‏زوائد‏"‏ ص 329، وقال ابن كثير في ‏"‏البداية والنهاية‏"‏ ص 223 - ج 3‏:‏ هذا الحديث ليس كما زعم السهيلي أنه صحيح، بل منكر تفرد به زياد بن المنذر أبو الجارود الذي تنسب إليه الفرقة الجارودية، هو من المتهمين، ثم لو كان هذا سمعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة الإسراء لأوشك أن يأمر به بعد الهجرة في الدعوة إلى الصلاة، واللّه أعلم، اهـ‏.‏‏]‏ وقد روى عنه مروان بن معاوية‏.‏ وغيره، انتهى‏.‏ ورواه أبو القاسم الأصبهاني في ‏"‏كتاب الترغيب والترهيب‏"‏، وقال‏:‏ حديث غريب لا أعرفه إلا من هذا الوجه، انتهى‏.‏ ولم يعزه في ‏"‏الإمام‏"‏ إلا للأصبهاني، ثم قال‏:‏ والخبر الصحيح أن بدء الأذان كان بالمدينة، أخرجه مسلم عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون ويتحينون بالصلاة، وليس ينادي لها أحَد، فتكلموا في ذلك، الحديث‏.‏

فائدة أخرى، قال الشيخ في ‏"‏الإمام‏"‏‏:‏ قد اشتهر في خبر الرؤيا في الأذان كلمة الشهادتين، وأمره عليه السلام لبلال بها، وقد أخرج ابن خزيمة في ‏"‏صحيحه‏"‏ عن عبد اللّه بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أنه كان يقول‏:‏ أول ما أذن‏:‏ أشهد أن لا إله إلا اللّه، حيّ على الصلاة، فقال عمر‏:‏ قل في إثرها‏:‏ أشهد أن محمدًا رسول اللّه، فقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏"‏قل كما أمرَك عمر‏"‏، انتهى‏.‏ قال الشيخ‏:‏ وعبد اللّه بن نافع قال فيه النسائي‏:‏ متروك الحديث، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏.‏ أخرجه الحاكم في ‏"‏المستدرك - في الفضائل‏"‏ عن نوح بن دراج عن الأجلح عن البهي بن سفيان بن الليل، قال‏:‏ لما كان من أمر الحسين بن علي ومعاوية ما كان قدمت عليه المدينة، وهو جالسُ في أصحابه، فذكر الحديث بطوله، قال‏:‏ فتذاكرنا عنده الأذان، فقال بعضنا‏:‏ إنما كان بدء الأذان رؤيا عبد اللّه بن زيد بن عاصم، فقال له الحسن بن علي‏:‏ إن شأن الأذان أعظم من ذلك، أذّن جبرئيل في السماء مثنى مثنى، وعلمه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأقام مرة مرة، فعلمه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فأذن به الحسن حتى ولى، انتهى‏.‏ وسكت عنه، قال الذهبي في ‏"‏مختصره‏"‏‏:‏ نوح بن دراج كذاب، انتهى‏.‏

- حديث آخر، روى الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏"‏ حدثنا النعمان بن أحمد الواسطي ثنا أحمد بن محمد بن ماهان حدثني أبي ثنا طلحة بن زيد عن يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لما أسري به إلى السماء أوحي إليه بالأذان، فنزل به، فعلمه جبرئيل، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ تفرد به مَاهَان الواسطي ثنا أبي به، وقال‏:‏ تفرد به طلحة بن زيد ‏[‏طلحة بن زيد،، قال الهيثمي في ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 329 - ج 1‏:‏ ‏"‏نسب إلى الوضع‏"‏‏.‏‏]‏

قوله‏:‏ ولنا أنه لا ترجيع فيه في ‏"‏المشاهير‏"‏ قلت‏:‏ فيه أحاديث‏:‏ منها عبد اللّه بن زيد، وقد تقدم بألفاظه وطرقه، ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ حديث عبد اللّه بن زيد هو أصل التأذين‏.‏ وليس فيه ترجيع، فدل على أن الترجيع غير مسنون، انتهى‏.‏

- حديث آخر، رواه أبو داود ‏[‏ص 83‏]‏‏.‏ والنسائي ‏[‏ص 103‏]‏ من حديث شعبة، قال‏:‏ سمعت أبا جعفر مؤذن مسجد العربان - في مسجد بني هلال - يحدث عن مسلم أبي المثنى مؤذن المسجد الجامع عن ابن عمر أنه قال‏:‏ إنما كان الأذان عَلى عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرتين مرتين، والإقامة مرة، غير أنه يقول‏:‏ قد قامت الصلاة، فكنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا، ثم خرجنا إلى الصلاة، انتهى‏.‏ ورواه ابن خزيمة‏.‏ وابن حبان في ‏"‏صحيحيهما‏"‏ وله طريق آخر عند الدارقطني ‏[‏ص 88‏]‏ والبيهقي في ‏"‏سننهما‏"‏ أخرجه عن سعيد بن المغيرة الصياد ثنا عيسى بن يونس عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ كان الأذان على عهد رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، انتهى‏.‏ قال ابن الجوزي‏:‏ وهذا إسناد صحيح، سعيد بن المغيرة وثقه ابن حبان‏.‏ وغيره، وهو دليل على أنه لم يكن فيه ترجيع، انتهى‏.‏ وقال في ‏"‏الإمام‏"‏‏:‏ قال ابن أبي حاتم‏:‏ قال أبي سعيد‏:‏ ابن المغيرة ثقة، ورواه أبو عوانة في ‏"‏مسنده‏"‏ بلفظ‏:‏ مثنى مثنى، والإقامة فرادى، انتهى‏.‏

- حديث آخر، رواه الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط‏"‏ حدثنا أحمد بن عبد بن عبد الرحمن بن عبد اللّه البغدادي ثنا أبو جعفر النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة، قال‏:‏ سمعت جدي عبد الملك بن أبي محذورة يقول‏:‏ إنه سمع أباه أبا محذورة يقول‏:‏ ألقى على رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الأذان حرفًا حرفًا‏:‏ اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر، إلى آخره، لم يذكر فيه ترجيعًا، وهذا معارض للرواية المتقدمة التي عند مسلم‏.‏ وغيره، ورواه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ حدثنا النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل، فذكره بهذا الإِسناد، وفيه ترجيع‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ حدثنا أبي محذورة أنه عليه السلام - أمر بالترجيع،

قلت‏:‏ رواه الجماعة ‏[‏مسلم في‏:‏ ص 165‏]‏ إلا البخاري من حديث عبد اللّه بن محيريز عن أبي محذورة أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ علمه الأذان‏:‏ ‏"‏اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه‏.‏ أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمدًا رسول اللّه، أشهد أن محمدًا رسول اللّه، حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة‏.‏ حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه‏"‏، انتهى‏.‏ وفي بعض ألفاظهم ‏[‏هي عند أبو داود‏:‏ ص 80، والنسائي في ‏"‏باب كم الأذان من كلمة‏"‏ ص 103، والترمذي في ‏"‏باب الترجيع في الأذان‏"‏ ص 27، وابن ماجه في ‏"‏باب الترجيع في الأذان‏"‏ ص 52‏.‏‏]‏‏:‏ علمه الأذان تسعة عشر كلمة، فذكرها، ولفظ أبي داود ‏[‏في ‏"‏باب كيف الأذان‏"‏ ص 79‏]‏‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه علمني سنة الأذان، قال‏:‏ تقول‏:‏ ‏"‏اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر‏.‏ اللّه أكبر، ثم تقول‏:‏ أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمدًا رسول اللّه، تخفض بهما صوتك، ثم ترفع صوتك بهما‏"‏ ‏[‏في أبو داود‏.‏ والنسائي‏:‏ شهادة التوحيد مرتين‏"‏ وكذا شهادة الرسالة‏.‏‏]‏ الحديث، وهو لفظ ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ واختصره الترمذي، ولفظه عن أبي محذورة‏:‏ أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أقعده وألقى عليه الأذان حرفًا حرفًا، قال بشر‏:‏ فقلت له‏:‏ أعد علي، فوصف الأذان بالترجيع، انتهى‏.‏ وطوله النسائي‏.‏ وابن ماجه، وأوله‏:‏ خرجت في نفر، فلما كنا ببعض الطريق أذن مؤذن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، إلى أن قال‏:‏ ثم قال لي‏:‏ ارجع فامدد من صوتك، أشهد أن لا إله إلا اللّه، الحديث، قوله‏:‏ وكان ما رواه تعليمًا، فظنه ترجيعًا، هذا فيه نظر، وقال الطحاوي في ‏"‏شرح الآثار ‏[‏ص 79‏.‏‏]‏‏"‏‏:‏ يحتمل أن الترجيع إنما كان لأن أبا محذورة لم يمد بذلك صوته، كما أراده النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏ارجع فامدد من صوتك‏"‏، وهذا قريب مما قاله صاحب الكتاب، وقال ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ إن أبا محذورة كان كافرًا قبل أن يسلم، فلما أسلم ولقنه النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الأذان أعاد عليه الشهادة، وكررها لتثبت عنده ويحفظها، ويكررها على أصحابه المشركين، فإنهم كانوا ينفرون منها، خلاف نفورهم من غيرها، فلما كررها عليه ظنها من الأذان فعده تسع عشرة كلمة، وأيضًا فأذان أبي محذورة، عليه أهل مكة، وما ذهبنا إليه عليه عمل أهل المدينة، والعمل على المتأخر من الأمور، انتهى كلامه‏.‏ وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة في المعنى، ويردها لفظ أبي داود، قلت‏:‏ يا رسول اللّه علمني سنة الأذان، وفيه‏:‏ ثم تقول‏:‏ أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمدًا رسول اللّه، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بها‏"‏ فجعله من سنة الأذان، وهو كذلك في ‏"‏صحيح - ابن حبان، ومسند أحمد ‏[‏ص 408 - ج 3‏]‏‏"‏ لكنه معارض بما أخرجه الطبراني عن أبي محذورة، وليس فيه ترجيع، وسيأتي‏.‏

- حديث آخر للخصم، أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه ‏[‏ص 87‏]‏‏"‏ عن عبد اللّه بن محمد بن عمار بن سعد القَرَظ عن سعد القرظ أنه وصف أذان بلال، وفيه الترجيع، قال ابن الجوزي في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ هذا لا يصح، والصحيح أن بلالًا كان لا يرجع ‏[‏وأخرج الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 607 - ج 3 حديث سعد هذا، وذكر أذان بلال، وليس فيه الترجيع‏.‏‏]‏ وعبد اللّه بن محمد بن عمار بن سعد القرظ، قال ابن معين فيه‏:‏ ليس بشيء ‏[‏وسيأتي في ‏"‏باب صلاة العيدين‏"‏ عند ذكر أحاديث الخصوم المرفوعة ص 323 - ج 1‏.‏‏]‏ انتهى كلامه‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ روي أن بلالًا رضي اللّه عنه، قال‏:‏

- الصلاة خير من النوم، حين وجد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ راقدًا، فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏ما أحسن هذا يا بلال، اجعله في أذانك‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏معجمه الكبير‏"‏ حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ثنا يعقوب بن حميد ثنا عبد اللّه بن وهب عن يونس بن زيد عن الزهري عن حفص بن عمر عن بلال أنه أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يؤذنه بالصبح فوجده راقدًا، فقال‏:‏ الصلاة خير من النوم مرتين، فقال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏"‏ما أحسن هذا يا بلال، اجعله في أذانك‏"‏، انتهى‏.‏ أخرجه في ‏"‏باب الباء - في ترجمة حفص بن عمر‏"‏، عن بلال وروى الحافظ أبو الشيخ ابن حيَّان في ‏"‏كتاب الأذان - له‏"‏ حدثنا عبدان ثنا محمد بن موسى الجرشي ثنا خلف الحزان ‏"‏يعني البكتا‏"‏ قال‏:‏ قال ابن عمر‏:‏ جاء بلال إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يؤذنه بالصلاة، فوجده قد أغفا، فقال‏:‏ الصلاة خير من النوم، فقال‏:‏ ‏"‏اجعله في أذانك إذا أذنت للصبح‏"‏، فجعل بلال يقولها إذا أذن للصبح، انتهى‏.‏